الدفاع عن البخارى صار أهم من الدفاع عن الإسلام نفسه، والذود عن حديث الذبابة أهم من الذود عن العقل والتفكير العلمى الذى حضت عليه أولى آيات القرآن «اقرأ»، فقد خرجت علينا جريدة «الأهرام» فى عدد أمس الجمعة فى إطار حملتها للدفاع عن صحيح البخارى بمقال يدافع عن حديث الذبابة الذى حوله البعض إلى مقدس لا يمس وتابو ممنوع الاقتراب منه، وكأن الإسلام قائم على دعامة حديث الذبابة وإذا ثبت أنه حديث ضعيف لا يتفق مع العقل والعلم فسيسقط الإسلام!!، وهم يجهلون أو يتجاهلون أن الإسلام أكبر من مجرد جملة عابرة قالها فلان ولو كان من كبار الصحابة، وأكبر من معتقد وقتى ونسبى مرتبط بأفكار مجتمع بدوى كانت له معتقداته وسلوكياته التى ليست بالضرورة هى الإسلام ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ومدرسة الاعتماد على السند فقط فى الأحاديث جعلتنا نسقط فى الفخ تلو الفخ، وإصرارنا عليها جعل العالم كله يسخر منا، بداية من إرضاع الكبير وحتى غمس الذبابة.

حديث «إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن فى أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء» تدافع عنه صفحة الفكر الدينى فى الأهرام وتقول إنه على أعلى درجات، ويرد علماء الحديث بمثال النحلة التى تخرج سماً من أسفلها وتخرج عسلاً من فيها، ويضيفون أن الله تعالى شاء أن يكشف العلماء والأطباء أن فى الذباب مادة قاتلة للميكروب، وبالطبع لابد أن يقذفوا فى وجوهنا نحن الغلابة الذين لا نفهم فلسفات وإنجازات هؤلاء الدعاة باسم عالم وياريت يكون «ألمانى»!!، ولا أفهم سر تعلق الدعاة بالألمان وحشر أسمائهم فى كل ردودهم، يقول هؤلاء فى صفحة الفكر الدينى إن الأستاذ الألمانى بريفليد اكتشف تلك المعجزة!!.

أولاً: بحثت عن هذا العالم الأستاذ بريفليد الذى استشهد به المدافعون عن حديث الذبابة فلم أجده إلا فى مواقع الإعجاز العلمى التى يقودها د. زغلول النجار، وللأسف، وجدت كلاماً مبهماً عنه مثل أنه كان أستاذاً فى جامعة «هال» الألمانية منذ مائة وأربعين سنة!!، ووجدت أن اكتشافه الأثرى الذى يعود إلى عصر ما قبل اكتشاف البنسيلين بل قبل اكتشاف الطب الحديث نفسه!! لا علاقة له بالحديث النبوى الموجود فى البخارى، فالمدافعون يقولون والعهدة على الراوى إن الأستاذ بريفليد قال إن الذبابة المنزلية مصابة بطفيلى من جنس الفطريات ويقضى هذا الفطر حياته فى الطبقة الدهنية داخل بطن الذبابة، ما علاقة هذا بذاك؟، فليدلنى أحد القراء على العلاقة.

ثانياً: ما علاقة ما كتب عن النحل بحديث الذبابة؟، فما يخرج من النحلة نتيجة القرصة يسبب أرتيكاريا لا تعالج إطلاقاً بالعسل!!، لكنها تعالج بمضادات حساسية وليس عسل النحل حتى ولو كان عسلاً جبلياً من الذى يبيعه تجار بيزنس الإعجاز، فما هذا التخبط لمجرد الدفاع عن حديث من الممكن أن نقول ببساطة إن متنه لا يتفق مع العلم الحديث، وفى الوقت نفسه من منطلق الثقة فى أنفسنا نعتبر أن هذا الكلام ليس طعناً فى الإسلام ولا هدماً فى الدين، فالإمام البخارى له كل الاحترام ولكن ليس له التقديس والتأليه، فهو ليس أهم من الإسلام وسمعة الإسلام التى أهال عليها أمثال هذا الفكر وهؤلاء الدعاة التراب وجعلونا أضحوكة العالم، وقبل أن نستكمل الرد على حديث الذبابة غداً، أنقل لهؤلاء بعض الأمراض التى ينقلها الذباب لعلهم يغيرون رأيهم، الذبابة تحمل أكثر من ١٠٠ مرض، فهى تنقل الرمد الصديدى، والكوليرا والتيفود، والباراتيفود، وإسهال الأطفال، والدوسنتاريا بنوعيها الباسلية والأميبية، والتسمم الغذائى والدرن والأنثراكس عن طريق برازها وقيئها وأرجلها وأجنحتها فهل مازلتم تريدون غمس جناحها؟.